2004
سامي الذيب ابوساحلية
من نظام الذمة إلى نظام المساواة والدولة الواحدة
منذ القرن السبع الميلادي يخيم على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي نظام يطلق عليه نظام الذمة. وبموجب هذا النظام تقوم مجموعة دينية بفرض دين معين (وبالتحديد الدين الإسلامي) كدين رسمي للدولة معتبرة أتباع ذاك الدين مواطنين من الدرجة الأولى بينما تتسامح مع أتباع الديانات الأخرى معترفة لهم بحقوق منقوصة على أمل أن يتحولوا يوماً ما إلى الديانة الرسمية. وما زال هذا النظام معمول به في الدول العربية مثل مصر والأردن وسوريا والعراق وغيرها من الدول.
ومن الواضح من مشروع الدستور الفلسطيني أن هذا هو النظام الذي تتجه نحوه الدولة الفلسطينية المقبلة حيث نصت المادة الخامسة منه على أن الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين كما نصت في المادة السابعة على أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. وبطبيعة الحال سوف تمارس هذه الدولة التمييز ضد غير المسلمين، على الأقل في مجال الأحوال الشخصية، إذ سوف تسمح للمسلم أن يتزوج من مسيحية بينما تمنع زواج المسيحي من مسلمة. وسوف تشجع التحول إلى الإسلام بينما من يرتد عن الإسلام فسوف تفصل زوجته عنه ويسحب أولاده منه ويحرم من الميراث.
وإذا أمعنا النظر في النظام الإسرائيلي فأنه أيضاً يأخذ بنظام الذمة إذ يعترف لليهود بكل الحقوق بينما يمارس التمييز ضد غير اليهود في مجالات مختلفة. وليس هنا المجال للخوض في هذا التمييز الذي يعرفه الجميع. وبطبيعة الحال لا يرغب اليهود أن يعيشوا في كنف دولة فلسطينية دينها الرسمي الإسلامي فيقعون تحت نظام الذمة الإسلامي، كما يرفض الفلسطينيون السيطرة اليهودية لأنه يعني الرضوخ تحت نير نظام الذمة اليهودي.
كل هذا يثبت أن إقامة دولتين منفصلتين يعني أولاً وآخراً تثبيت نظام الذمة الإسلامي في الدولة الفلسطينية، ونظام الذمة اليهودي في الدولة اليهودية مع ما يتبعه من تمييز ضد من لا ينتمي للديانة المسيطرة في كل من الدولتين. أضف إلى ذلك حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق الرجوع لأن إسرائيل لا تريد أن يتحول اليهود إلى أقلية تحت السيطرة الإسلامية.
وعلى ذلك فإن الحل الوحيد في هذه المنطقة التي تمتد من البحر إلى النهر هو أن يتخلى كل من المسلمين واليهود عن نظام الذمة وأن يقبلا بمعاملة الجميع على قدم المساواة دون تمييز على أساس الدين.
هذا ما تقترحه جمعية تم تأسيسها في 15 ابريل 2003 في سويسرا من قبل يهود ومسيحيين ومسلمين تهدف إلى إقامة دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين/إسرائيل تضمن حقوقاً وواجبات متساوية لكل مواطنيها بدون أي تمييز على أساس الدين أو الجنس أو الجنسية أو العرق أو اللغة. وقد نص نظامها (أنظر النص في: http://www.lpj.org/Nonviolence…ssociation.html ) على ضرورة إحداث تغييرات جذرية في النظام القانوني الحالي لضمان تلك المساواة واحترام مبدأ عدم التمييز. ومن بين تلك التغييرات
- توحيد
الأنظمة القضائية والقانونية استناداً على مبدأ فصل الدين عن الدولة. وهذا يتضمن إلغاء جميع المحاكم والقوانين الدينية، خصوصاً في مجال قانون العائلة، وخلق محاكم مدنية، وتبني قانون عائلة موحد يحترم مبدأ عدم التمييز، وإنشاء سجل مدني، وتنظيم زواج مدني إلزامي مع إمكانية إقامة مراسم دينية لاحقة.
- إنشاء نظام تعليمي يضمن اندماج كل مواطنيه. وهذا يتضمن إنشاء مدارس حكومية ابتدائية وثانوية وعليا موحدة وبرامج تعليمية تحترم مبدأ عدم التمييز، مع أمكانية تأسيس مدارس خاصة، بشرط أن تحترم مبدأ عدم التمييز
.
- اتخاذ إجراءات لدمج المواطنين بهدف المصالحة بين الجماعات المختلفة. وتتضمن هذه الإجراءات إنشاء مقابر موحدة يحق لأي شخص أن يدفن فيها، مع إمكانية إقامة مراسم دينية خاصة، وفتح المقابر الدينية الحالية لأي شخص، وذلك أخذاً بمبدأ عدم التمييز
.
هذا ولم يمضي على تأسيس هذه الجمعية أكثر من شهر واحد حتى أصبح عدد أعضائها 130 عضوا. وكل يوم ينضم إليها أعضاء جدد. وهذا يثبت أن إقامة دولة واحدة في فلسطين/إسرائيل هو السبيل الوحيد للوصول للسلام في المنطقة ولإنهاء حلبة الصراع الذي يعصف بمئات القتلى وآلاف الجرحى الأبرياء من الجانبين. وكل من يهمه الانتماء للجمعية يمكنه الاتصال بكاتب هذا المقال.
د. سامي الذيب
رئيس ألجمعية لدولة ديمقراطية واحدة في فلسطين / إسرائيل
No comments yet.