ذكرت لكم في شريط سابق ما جاء في مقابلة أجريتها مع مصطفى محمود في 20 يوليو 1977
يلاحظ من اجوبة مصطفى محمود انها قصيرة جدا وأوقات كان يقول -لا تناقشني-. فقد كان صاحبنا خلال المقابلة جالس على حافة الكرسي وكأنه يريد ان يتخلص مني. ولكني كنت متمسك في طرح الأسئلة حتى وإن كان منزعجا منها
كانت تلك آخر مقابلة عملتها مع مفكر وكاتب مصري. فبعدها بقليل حقبت امتعتي وأوراقي ورجعت إلى سويسرا رغم انه كان عدد من المفكرين المصريين على قائمة من أردت مقابلتهم
وسبب عدم تمكني من عمل تلك المقابلات الأخرى كان خوفي من أن تلقي علي القبض أجهزة المخابرات المصرية وتصادر ما كنت قد اععددته من أبحاث عن وضع غير المسلمين في مصر
ففي الأيام التي تبعت مقابلتي مع مصطفى محمود، استمعت إلى خطاب للرئيس أنور السادات يقول فيه: هناك من يأتي إلى مصر ويقارن بيننا وبين المانيا وسويسرا، ناسيا الفرق بيننا وبينهم. ألمانيا وسويسرا؟ لماذا يتكم السادات عن هذين البلدين؟ لسبب بسيط أن جامعتي موجودة في مدينة فريبورغ السويسرية، وهناك جامعة أخرى في مدينة تسمى أيضا فريبورغ في المانيا. وبما أنني لم احدد البلد الذي أتيت منه، لم يستطيع مصطفى محمود من معرفة إن كنت ادرس في سويسرا أو ألمانيا. إذن مصطفى محمود، الذي كان يعمل مستشارًا في المواضيع الدينية لدى السادات أبلغه عم مقابلتي له. لم يكن لدي أي شك في أن حياتي أصبحت في خطر. فقررت الهروب من مصر في أسرع وقت ممكن، واستطعت ارسال أوراقي لسويسرا بطريقة خاصة. فلو القت الشرطة على أوراقي ومقابلاتي في المطار، لتم مصادرتها … وخسرت سنة كاملة من الأبحاث. لحسن حظي، كنت قد اتممت كل الأبحاث ولم يبقى علي إلا بعض المقابلات التي استطعت أن استغني عنها. وكان بين أوراقي نصوص سرية لم يسبق نشرها تتضمن مذكرات بعثتها الكنيسة القبطية للحكومة تحتج فيها على ما يعانيه الأقباط من مضايقات. وقد قمت بترجمة تلك الوثائق ونشرتها في رسالة الدكتوراة. وحتى اليوم لم يتم نشر نصوص تلك المذكرات باللغة العربية
نشرت مقابلتي مع مصطفى محمود في صفحتي في الحوار المتمدن تحت عنوان مستفز: مقابلة مع المهووس مصطفى محمود في تاريخ 12 فبراير 2014. وقد أثار مقالي تعليقات ذكرت بعضها في مقال لاحق عنونته: نعم مصطفى محمود مهووس، صدر في 17 قبراير 2014. وهذا ما جاء فيه
كما ذكرت في مقالي السابق، يقدم مقال ويكيبيديا الدكتور مصطفى محمود بهذه الفقرة: « مصطفى محمود (1921 – 2009)، فيلسوف وطبيب وكاتب مصري. هو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف وينتهي نسبه إلى علي زين العابدين ». لكني شخصيا افضل ان اطلق على هذا المخلوق لقب مهووس.
وقد اثار مقالي استياء بعض القراء، اذكر منهم الأخ يوسف العواد الذي كتب يقول: « دفاعي عن الدكتور مصطفي محمود رحمه الله لان كاتب المقال يشيطنه ،وانا لا اقول انه ملاك ،ولكنه نموذج لإنسان تحرى الحقيقة ، وكانت النتيجة مجموعة من الابحاث والكتب والدراسات والبرامج العلمية قد نختلف او نتفق عليها
وكان ردي عليه: أخي يوسف العواد، انت تجل مصطفى محمود وهذا حقك. وأنا اعتبر كتبه وابحاثه ودراساته وبرامجه صفر على الشمال. لا بل مسؤولة عن الهوس الديني الذي اوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من انهار دماء ودمار. لقد زرع في اجيال من القراء جرثومة الهوس الديني التي قد تحتاج إلى عقود قبل القضاء عليها
اود ان اقتبس هنا فقرة من آخر فصل من كتاب مصطفى محمود « حوار مع صديقي الملحد » (صدر عام 1986) اذكرها في كتابي عن اصول الشريعة بالفرنسية والإيطالية والإنكليزية لأبين كيف ينظر المسلمون للقرآن:
قرأت القرآن فكان له في سمعي رنين وإيقاع ليس في مألوف اللغة وكان له في عقليّ انبهار .. فهو يأتي بالكلمة الأخيرة في كل ما يتعرض له من أمور السياسة والأخلاق والتشريع والكون والحياة والنفس والمجتمع رغم تقادم العهد على نزوله أكثر من ألف وثلاثمائة سنة .. وهو يوافق كل ما يستجد من علوم رغم أنه أتى على يد رجل بدوي أميَّ لا يقرأ ولا يكتب في أمة متخلفة بعيدة عن نور الحضارات .. وقرأت سيرة هذا الرجل وما صنع .. فقلت .. بل هو نبي .. ولا يمكن أن يكون إلا نبي
ونجد صدا لهذه العبارات في كلمة للرئيس محمد أنور السادات وجهها لإذاعة القرآن في 31 مايو 1976: « إن الإسلام ليس مجرد عبادات ومناسك ومواعظ خلقية وتلاوة آلية لكتاب الله. لا، إن قرآننا موسوعة كاملة لم يترك جانبا من الحياة أو الفكر أو السياسة أو المجتمع أو الأسرار الكونية أو الغوامض النفسية أو شئون المعاملات والأسرة إلا قال فيه رأياً وحكماً. ومعجزة التشريع القرآني هي صلاحيته لكل عصر، ومرونته في مواجهة كل التحولات، ومعجزة الإسلام كدين هي قدرته المستمرة على التفاعل والعطاء والتأثير ». فهل مصطفى محمود هو من كتب كلمة السادات، أم انه نقل عن السادات؟ ومهما يكن الأمر، فقد دفع السادات غاليا دعمه لتلك الإذاعة اذ تم قتله من قبل متطرفين اسلاميين تغذوا من هلوساتها. وما يدور حاليا في مصر من قتل وارهاب ودمار هو من « الثمار المباركة » لهذه الهلوسة الدينية.
ان كنا نريد ان ننصف مصطفى محمود في الفقرة المذكورة اعلاه، فعلينا ان نقر بأن القرآن ليس من تأليف محمد. إلا أن صاحبنا يقفز قفزة خطيرة. فكون أن النبي لم يكتب القرآن لا يعني بأن الله هو الذي كتبه. فهناك الكثير من الكتب التي لا نعرف مؤلفيها ولا يخطر على بال احد نسبتها لله. ومن بين هذه الكتب « الف ليلة وليلة » و »رسائل اخوان الصفا ». ويمكن القول بأن 80% من القرآن هو مجرد سرقات ادبية من المصادر اليهودية والنصرانية وغيرها
والقول بأن القرآن أتى بالكلمة الأخيرة في التشريع، هو مجرد هراء. فلو طبقنا القرآن اليوم لوجدنا انفسنا في أكثر المجتمعات همجية. ونفس الأمر يمكن قوله عن التوراة أو قانون حمورابي
وأما انبهار مصطفى محمود بلغة القرآن، فهو في رأيي أخطر ما جاء في الفقرة المذكورة. فالقرآن لا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفه ككتاب، بل ككشكول مقطع الأوصال متناثر الفقرات مما يثبت أنه من تأليف حاخام يهودي مسطول (شارب سطل خمر، إن لم يكن 1000 سطل خمر) كما بينته في طبعتي العربية للقرآن. وهو في كثير من آياته يشبه إلى حد كبير سجع الكهان الذي لا معنى له
ولا حاجة لي لكثير من التعليق على مقولة ان القرآن « يوافق كل ما يستجد من علوم »، فهذا ما نتج عنه هوس الإعجاز العلمي للقرآن الذي لا يمكن ان يمرر إلا على المغيبين عقليا
وأما التغني بسيرة النبي محمد وما صنع، فهو إن دل على شيء، فهو يدل على جهل في الواقع التاريخي وعمى البصر والبصيرة. فلو أن محمد رجع اليوم للحياة، فلسوف يقدم للمحاكمة كمجرم حرب وهاتك لعرض الأطفال. وقد ذكرت تقارير رسمية يمنية، إن 8 حالات وفاة تحدث يومياً في اليمن بسبب زواج الصغيرات والحمل المبكر والولادة، وكل هذا يتم اسوة بالنبي محمد الذي تزوج عائشة في عمر ستة سنين ودخل عليها في سن التاسعة
ان مجتمعنا العربي والإسلامي لن يفوق من غيبوبته ولن يتخلص من وضعه الحالي الذي يسوده الدمار والقتل في كل ارجائه إلا إذا رفع القداسة عن الكتب المكدسة والأنبياء، وكف عن تبجيل دجالين من امثال مصطفى محمود وزغلول النجار وغيرهم من المخبلين
وقد احتج أحد متابعي لعدم ذكر لقب الدكتور مصطفى محمود
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله انسان قامة علمية وادبية وفكرية وفلسفية ، قضى عمره وهو يبحث عن الحقيقة ،قد نختلف وقد نتفق معه بفكره.الحوار المتمدن يعطيك الحق ان تبدي رايك ،اما وصفه بالمهووس فهذا لا يليق بادب الحوار المتمدن ،كان الافضل لو كان عنوان مقالك حوار مع الدكتور مصطفى محمود لان لقب الدكتور يستحقه وليس مكرمة منك او من غيرك.
ورددت عليه
انت تقول
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله انسان قامة علمية وادبية وفكرية وفلسفية ، قضى عمره وهو يبحث عن الحقيقة
انا اختلف معك في الرأي ولكن انشر رأيك لأن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
قناعتي تقول لي بأن مصطفى محمود، مهما كانت نواياه، مسؤول بصورة مباشرة في ترسيخ الهوس الديني في مجتمعنا مثله مثل مشايخ الأزهر، ونحن ندفع اليوم ثمن فكره دمارا وانهار من الدماء
رغم كل ذلك، أرى معك بأنه يجب الترحم عليه، فكل انسان يستحق الرحمة، مهما اختلفنا معه في الرأي… خلافا لتعاليم الإسلام التي تمنع الترحم على موتى غير المسلمين: -وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ- سورة التوبة 84
كنت دائما اشك في صدق المثقفين والتنويريين العرب. وقد وقعت على مقال لصلاح الدين محسن: عن مصطفى محمود
https://goo.gl/Pn32Y4
أنقل منه هذه الفقرة
دكتور مصطفي محمود رجل حاد الذكاء – لا نقصد النوع الايجابي فقط من الذكاء – لذا فقد فضل ان يتعامل مع المسلمين والسلطات والمجتمع ككل، بموجب المثل الشعبي المصري القائل: « انصح صاحبك من الصبح للظهر. فان لم يعمل بالنصيحة فعليك بتضليله ». وبالفعل، رأي دكتور مصطفي محمود، الذي رفض المجتمع ان يشتري بضاعته من الفكر الصادق واتهمه بالكفر وبالجنون وادانه .. أن يبيع لهم الكذب والدجل الفكري باسم « العلم والايمان » – حسب طلبات الزبون – .. فكان يلوي رقبة الحقائق ليا . ليزعم للناس وجود علاقة وثيقة – لا وجود لها – بين العلم والايمان …
ففرح الناس بالبضاعة الجديدة للدكتور مصطفي محمود – العلم والايمان – ورحلتي من الشك الي اليقين. بعدما كانوا يرددون انه كان قد كفر. وشك في دين هو قويم، وفي قرآن هو كريم ..
فرضيت عنه السلطة الحاكمة – المؤمنة ! – ورضي عنه عامة الناس، ورحبت كل بوابات الاعلام الحكومي ببضاعته الجديدة – العلم والايمان -. ففتح عليه الفتاح بالشهرة الكبيرة والاضواء والمال الوفير الذي انهمر عليه من وراء بيع مؤلفاته وبرنامجه المكون من سلاطة أو تبولة: العلم والايمان
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي https://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books
يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb
https://www.patreon.com/samialdeeb
Comments are closed.